الأربعاء، 3 نوفمبر 2021

تلخيص مؤلف "ظاهرة الشعر الحديث" الفصل الرابع: الشكل الجديد

 



الفصل الرابع: الشكل الجديد.

يقف المجاطي في هذا الفصل عند أهم القضايا المحورية التي تناولها الشعر الحديث، برصده لأهم التطورات الفنية التي لحقته على يد هؤلاء الشعراء. والتي يمكن حصرها فيما ثلاث قضايا كبرى:

 اللغة الشعرية: 

رغم وحدة المرجع الذي ينهل منه الشعراء المحدثون، إلا أننا حين نتأمل لغتهم الشعرية نجدها تتوزع في أربع أنواع مختلفة، بل متباينة أحيانا:

· لغة محافظة على خصائص اللغة العربية التقليدية: إذ نجد السياب يستعمل لغة جزلة وعبارات فخمة وسبكا متينا على غرار الشعر التقليدي، الذي يتميز بالمتانة، كما يظهر ذلك في دواوينه القديمة والمتأخرة مثل قصيدته: مدينة بلا مطر، وقصيدته: منزل الأقنان.

· لغة تميل إلى اللغة اليومية: إذ يعتبر توظيف هذا النوع من اللغة في الشعر، مظهرا من مظاهر اللغة الشعرية الحديثة، وملمحا من ملامحها. كما عند أمل دنقل في قصيدته: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة.

· لغة تبتعد عن اللغة المتداولة: وذلك باستعمال لغة إنزياحية موحية، تنتهك معايير الوضوح والعقل والمنطق، كما عند عبد الوهاب البياتي وأدونيس. وهناك من اشتغل باللغة الدرامية المتوترة النابعة من الصوت الداخلي، هذا الصوت المنبثق من أعماق الذات، خلافا لما هو عليه الأمر في الشعر العربي القديم الذي امتاز سياقه اللغوي بصدوره عن صوت داخلي متجه إلى الخارج.

· لغة درامية تنطلق من داخل الشاعر وتعود اليه، انه لغة الهمس والاشارة والصورة المقتضبة.

  الصورة الشعرية:

في هذا المستوى تجاوز الشاعر الحديث الصور البيانية المرتبط بالذاكرة التراثية عند الشعراء الإحيائيين، والصور المرتبطة بالتجارب الذاتية عند الشعراء الوجدانيون، إلى صور تقوم على توسيع مدلول الكلمات من خلال تحريك الخيال والتخييل وتشغيل الانزياح والرموز والأساطير، وتوظيف الرؤيا وتجاوز اللغة التقريرية المباشرة إلى لغة إيحائية. وهكذا فالصورة في الشعر الحديث قد وسعت الإطار ليشمل الهم الذاتي والجمعي، وجعلت من الصور معبرا ملائما لتطوير التجربة الشعرية، على أساس أن هذه الصورة في الشعر العربي الحديث قد أخذت ثلاث تجليات: أولاً:  توسيع أفق الصورة نفسها لتتسع لأكثر قدر من الاحتمالات المتصلة بأعماق التجربة الشعرية. ثانيا: الحد من أفق الصورة، وذلك بإحكام ما يجمع بينها وبين بقية صور القصيدة، قصد الابتعاد عن النزعة التقريرية الجافة. ثالثا: إزالة المسافات الزمكانية عبر تغذيتها بالرمز والأسطورة.

  الموسيقى الجديدة:

هي أهم خاصية شكلية يتسم بها الشعر الحديث، فقد راهن الشاعر الحديث على إحداث قطيعة مع أسس العروض الخليلي، وراهن على ربط القيم الموسيقية باللغة والأفكار والمشاعر. فعلى المستوى الأول تخلص الشعراء المحدثون من كثير من القيم العروضية، التي افتتن بها الشعراء المحافظون ردحا من الزمن، وحولوها إلى قواعد ذهبية، فتخلوا عن وحدة البيت الشعري، وعوضوه بالسطر الشعري، وجعلوا تفعيلات السطر الواحد تتفاوت عددا، فاقتصروا على ستة بحور شعرية ( الهزج: مفاعيلن، والرمل: فاعلاتن، والمتقارب: فعولن، والمتدارك: فاعلن، والرجز: مستفعلن، والكامل: متفاعلن.) واستخلصوا عددا هائلا من الأبنية الموسيقية من البحر الواحد، كما مزجوا بين أكثر من بحر، وأخذوا بنظام الجملة الشعرية بدل الوقفة الدلالية والتركيبية التي كانت مستحوذة على الشعر القديم. ولم يفتهم الانتباه إلى ما تزخر به الطاقات الموسيقية للأبحر المختلطة، ومن اجل تجنب الرتابة والملل الناجمين عن تكرار التفعيلة نفسها فقد استثمروا ما يتيحه الزحاف من حرية في تنويع إيقاعات التفعيلة الواحدة، ونوعوا الأضرب تنويعا أضفى على موسيقى الشعر الحديث براعة وإيقاعا. وأما المستوى الثاني فقد نظروا إلى القافية، التي كانت سدا منيعا أمام تدفق المشاعر وحرية الأخيلة، نظرة جديدة إذ أصبحت نظاما إيقاعيا جديدا ولبنة من لبنات البناء الموسيقى العام وجزءً لا يتجزأ من الدفقة الشعورية، فربطوا بين التلوين الإيقاعي والحالات الشعورية والفكرية المتضاربة، لقد كانت القافية في شكلها المتكرر القديم، تحُول دون حرية الشعراء في التعبير عن أفراحهم وأتراحهم، فغيّر الشعر الحديث من طبيعتها ومصطلحاتها ومن وظائفها، حتى أضحت أسَّا جديدا من أسس ثورة هذا الشعر على القواعد الخليلية الصارمة.


Brandon's Baseball Cards - Buy Cards, Baseball News, Card Prices ...

ليست هناك تعليقات :

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 مدونة عبد الواحد البرجي