الأحد، 22 أكتوبر 2017

سرود فيسبوكية 2: حينما أخافتني الغولة! بقلم عبد الواحد البرجي



حينما أخافتني الغولة!
        لما دفعني الفضول القروي إلى مغادرة قريتي الصغيرة زاوية أمداغ، سافرت إلى سوس وعمري لا يتجاوز  خمس عشرة سنة، اشتغلت في ضيعة مغروسة بأشجار الليمون، كنت أسقي الأشجار طوال النهار، منذ السابعة صباحا حتى السابعة مساء، ولما أغادر الضيعة وغروب الشمس ينوب عني رجل أربعيني اسمه التهامي، ماعدا يوم الجمعة فيأخذه يوما للراحة و لقضاء أشياء أخرى يعرفها أهل سوس...
وذات يوم قررت أن أنوب عن التهامي يوم الجمعة، بمعنى أني سأجني أرباحا مضاعفة لما أتقاضاه، فأجرتي في كل يوم خممس وعشرون درهما، لكن بالمقابل سأشتغل الليل والنهار وصالا.. وحقا تجندت لذلك ... وهاهي الشمس تنسحب بهدوء نحو المغيب، لتبدأ حكاية الغولة التي تسكن بجوار الضيعة، أسدل الليل أمواجه الحالكة، نامت الأشجار، وشغلت الصارصير موسيقاها، وبدأت الضفادع تنق بين الحين والحين، نامت اليمامات داخل الأشجار...
كانت الضيعة بعيدة عن السكان، ورغم ذلك كنت أتناسى خشونة المكان من حولي بصوت أغاني شعبية تصلني من حفل زفاف بالقرية البعيدة... ويا للهول حتى العريس أخذ زوجته ودخل غرفته وأنهى حياة العزوبة مبكرا، ونسي أن شجاعتي قد تخار بمجرد أن تتوقف أهازيج العرس وموسيقاه..
أنظر من حوالي فلا أرى إلا الظلام يملأ المكان، لا شيء يملأ مخيلتي سوى حكاية الغولة التي حكاها لي التهامي، تملكني الخوف، سمعت صوتا من بعيد، فكرت في أن أغادر المكان، كيف أغادر والطريق موحشة، تملؤها الثعابين ويمر بها الورل... وفوق ذلك قد تعترض سبيلي الغولة في أي لحظة...
وفجأة سمعت شخير سيارة تذرع الممر الرئيسي للضيعة، تنفست الصعداء، فقد كان صاحبها ابن صاحب الضيعة أرسله الله ليخرجي من حكاية جنون أو موت محقق، تظاهرت بأن عقربا لسعني، وكتمت الخوف الذي سكن أحشائي، وتوجعت من الألم كثيرا؛ توجعا حن له قلب ابن صاحب الضيعة... الذي لم يتردد في اصطحابي معه نحو القرية... وفي الطريق شكرت الله على نعمة العقل، ووبخت نفسي على الشجاعة الزائدة 

بقلم عبد الواحد البرجي

ليست هناك تعليقات :

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 مدونة عبد الواحد البرجي