الجمعة، 20 ديسمبر 2024

تلخيص الفصل الأول "تصنيف الأنواع" من كتاب "الأدب والغرابة" لعبد الفتاح كيليطو

 


    تلخيص الفصل الأول "تصنيف الأنواع"  من كتاب "الأدب والغرابة" لعبد الفتاح كيليطو

ينطلق عبد الفتاح كيليطو من ثنائية الأدب والنص مؤكدا أننا نستعمل كلمة الأدب بطريقة فضفاضة و اعتباطية دون مساءلة دلالاته اللغوية والاصطلاحية ومقاصده السياقية والمفهومية، وبالتالي، تفتقر إلى تصورات حقيقية حول الأدب وماهيته ووظيفته وما يميز النص الأدبي عن باقي النصوص الأخرى. أي إننا لا نبحث عما يجعل النصوص الأدبية أدبية، بل تكتفي بربطها بالمجتمع أو ما تتركه من آثار نفسية على المتلقي. وهذا ينطبق أيضا على مصطلح النص الذي يثير كثيرا من الإشكال على مستوى التحديد والضبط هذا ما دفع الناقد لتعريفه من خلال مفهوم المخالفة بمقابلته مع اللانص, فالنص حسب كيليطو هو الذي يتميز بالنظام والانفتاح ويحمل مدلولا ثقافيا، ويكون قابلا للتدوين والتعليم والتفسير والتأويل، وقابلا للاستشهاد به حينما ينسب إلى مؤلف حجة معترف بقيمته ومكانته العلمية والثقافية، أي لابد أن يكون المؤلف شيخا مرموقا في الساحة الثقافية، وأن يكون النص كذلك غامض الدلالة أي يستند إلى الغرابة والانزياح والخرق بدلا من الألفة والكلام العادي السوقي، ولذلك فالنصوص حسب ميشيل فوكو نادرة وقليلة.

أما كلمة الأدب حسب الكاتب فاستعملها بمفهوم الأدب الغربي littérature لا بالمفهوم الكلاسيكي العربي للأدب. فالأدب الكبير والصغير لابن المقفع يصدران عن تصور أخلاقي تعليمي للأدب يتمثل في التحلي بالأخلاق الفاضلة و السلوكيات الحميدة، لذلك يكثر في هذين الكتابين الوعظ والنصح من خلال صيغتي الترغيب (الأمر ) والترهيب ( النهي). ويعني هذا أن الدارسين العرب المحدثين درسوا الأدب القديم والحديث بمقياس الأدب الغربي دون أن يبحثوا عن الخصائص البنيوية للكتابة الأدبية القديمة في شتى أنواعها وأجناسها الأدبية المتنوعة والمتعددة.

 هذا، وإن كلمة الأدب littérature بالمفهوم الغربي نتاج الرومانسية التي كانت تدعو إلى مزج الأنواع والأجناس الأدبية في بوتقة واحدة. أي إذا كانت الكلاسيكية تفصل بين الأنواع من خلال تقييدها بمعايير ثابتة وصارمة، فإن جماعة يينا الألمانية (نوفاليس وشلينغ والأخوان شليغل) في أواخر القرن الثامن عشر كانت تدعو إلى وحدة الأنواع داخل الخطاب الواحد. وهذا ما جعل تاريخ الأدب يضم بين دفتيه كثيرا من الخطابات والنصوص والأجناس، وبعد أن كانت الرواية ضمن هذا التصور جنسا أدبيا مهمشا ومرفوضا لافتقاره لقواعد قارة وثابتة تخصصه وتميزه عن باقي الأجناس الأخرى، أصبحت مع الرومانسية تحتل قمة الأنواع لكونها تجمع عدة خطابات حوارية وتناصية داخل بوليفونية منصهرة في نوع كبير وهو الرواية. وهذا ما حدث أيضا مع الشكسبير الذي أقصي مسرحه في الفترة الكلاسيكية ليعترف به إبان الفترة الرومانسية؛ لأن شكسبير كان يجمع في نصوصه المسرحية أساليب متنوعة هزلية وجدية سوقية ونبيلة. وإذا كان هناك من يعرف الأدب على أنه إحالة على عالم الأشياء والشخصيات والأحداث الخيالية ، وإذا كان رومان جاكبسون يعرف الأدب من خلال شعرية بنيوية تعتمد على الوظائف الست ولاسيما الوظيفة الشعرية، فإن كليطو يرى أن الأدب مازال لم يحدد بدقة مادمنا لم نضع نظرية عامة للخطابات.

مأخوذ من مقال للدكتور جميل الحمداوي

ليست هناك تعليقات :

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 مدونة عبد الواحد البرجي